الصفحة الرئيسية > الموضوعات المتخصصة > قضية جزر دياويوي
جزر دياويوي من الأراضي الإقليمية الصينية: حقيقة جلية وأدلة دامغة
2012-10-24 13:28

أعلنت الحكومة اليابانية يوم 10 سبتمبر عن "شراء" جزر دياويوي الصينية وجزيرة نانشياوداو وجزيرة بيشياوداو التابعتين لها تنفيذا لما يسمى بقرار "التأميم". في أعقاب ذلك، عبرت الحكومة الصينية عن موقفها الجدي واتخذت الإجراءات المضادة القوية، وأعرب الشعب الصيني عن غضبه الشديد وأظهر تماسكا هائلا ضد خطوة اليابان هذه، وارتفعت أصوات العدالة والحذر الشديد في المجتمع الدولي، الأمر الذي وجه ضربة قوية لغطرسة الجانب الياباني. ولكن رغم ذلك، تصر اليابان على رفض تغيير موقفها الخاطئ، وأكثر من ذلك، لا تتورع عن استخدام أي وسيلة في مواصلة انتهاك سيادة الصين على أراضيها الإقليمية وتحدي النظام الدولي في عهد ما بعد الحرب العالمية الثانية.

"دعنا تهدئة قضية جزر سينكاكو حرصا على مجمل العلاقات اليابانية الصينية والسلام والاستقرار في شمال شرق آسيا." ها هي مراوغات اليابان. لكن ضبط النفس والمواقف البناءة التي أبدتها طوكيو على ما يبدو لا تخفي نواياها الحقيقية وتخبطها الكبير، إذ ادعت الحكومة اليابانية بأن "لا يمكننا التنازل عمّا لا نستطيع التنازل عنه" و"يجب على اليابان حشد كل طاقتها لتعزيز حراستها في المياه المحيطة بجزر سينكاكو"، كما لوحت القوى اليمينية اليابانية بتشييد منشآت على جزر دياويوي بهدف رفع قدرة اليابان على مجابهة الصين.

مساء يوم 21 سبتمبر، صعدت عدة العناصر اليابانية إلى جزر دياويوي؛ يوم 22 سبتمبر، نظمت المجموعات اليمينية اليابانية مظاهرات مناهضة للصين في طوكيو، ادعت فيها بأن "الصين اعتدت على جزر سينكاكو" محرضة قوات الدفاع الذاتي اليابانية على "التمركز الدائم في جزر سينكاكو"؛ كما قام خفر السواحل الياباني بجمع سفن دورياته من مختلف المناطق في اليابان لحراسة المياه قبالة جزر دياويوي والتشويش على الدوريات الروتينية التي تقوم بها سفن الرقابة البحرية وسفن إدارة المصايد الصينية في تلك المياه.

خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشدق رئيس الوزراء الياباني يوشيهيكو نودا بما يسمى بـ"الأدلة القانونية" التي تثبت سيادة اليابان على جزر دياويوي، مصرا على عدم وجود نزاع بين اليابان والصين بهذا الشأن. وألفت وزارة الخارجية اليابانية وثيقة الموقف الياباني تحت عنوان "الحقائق حول جزر سينكاكو" وأصدرت تعليمات لسفاراتها في الخارج بتوضيح هذا الموقف للدول المضيفة. كما طالبت وزارة الخارجية اليابانية بزيادة ميزانيتها في السنة المالية المقبلة بواقع 600 مليون ين ياباني لتعزيز الحملة الدعائية والأنشطة البحثية الهادفة إلى "الدفاع عن الأراضي". وذهب بعض وسائل الإعلام اليابانية إلى حد فبركة الأخبار الزائفة بطرق رخيصة، والتي تفيد بأن الدول المعنية تدعم موقف اليابان.

في الحقيقة، لا تتضمن "الحملة الإعلامية المضادة" اليابانية بشأن جزر دياويوي أي شيء جديد بل تمتلئ بالكلمات المبتذلة التي تدعي بأن جزر دياويوي من أراضي اليابان الأصيلة سواء أ كان وفقا للحقائق التاريخية أم القانون الدولي، والهدف من عملية "تأميم" هو "الحفاظ على الإدارة المستقرة والسلسة للجزر". ولكن، توجد في "الحملة الإعلامية المضادة" اليابانية الأخيرة "نقاط تركيز" جديدة مثل: الصين لم تكن تطالب بالسيادة على جزر دياويوي قبل مطلع السبعينيات من القرن الماضي؛ وأثناء المفاوضات حول تطبيع العلاقات الصينية اليابانية عام 1972 والمفاوضات حول معاهدة السلام والصداقة الصينية اليابانية عام 1978، ما توصلت قيادتا البلدين إلى تفاهم وتوافق الآراء حول "تعليق النزاع على جزر دياويوي"؛ وردود أفعال الصين على "شراء" اليابان للجزر مبالغ فيها وأعمال العنف الواسعة النطاق ضد المصالح اليابانية أشعرت اليابان بأنها "تحت تهديد" وإلخ.

إن حقيقة الأمر هي أن جزر دياويوي من أراضي الصين الأصيلة واستيلاء اليابان على جزر دياويوي الصينية عمل غير شرعي وباطل. وقيام اليابان بما يسمى بـ"تأميم" جزر دياويوي وجزيرة نانشياوداو وجزيرة بيشياوداو التابعتين لها يشكل انتهاكا خطيرا لسيادة الصين على أراضيها الإقليمية. إن هذا الموقف المبدئي الصيني قد أعيد توضيحه بشكل مفصل في مقالة نشرتها صحيفة الشعب اليومية في عددها يوم 11 سبتمبر بقلم "قوه جيبينغ" وتحت عنوان ((كيف نسمح للآخرين بـ"شراء أو بيع" جزر دياويوي الصينية؟)). أما في مقالتنا هذه، فسنستشهد الحقائق التاريخية وقواعد القانون الدولي لكشف مدى النفاق والسخافة لـ"نقاط التركيز" الجديدة في الدعايات اليابانية الأخيرة وطبيعتها السيئة.

زعمت اليابان أن الصين لم تكن تطالب بالسيادة على جزر دياويوي قبل مطلع السبعينات من القرن الماضي، ولكن ما هي الحقيقة في التاريخ؟

ظلت جزر دياويوي من الأراضي الإقليمية الصينية منذ القدم، وتم إدراجها إلى الأراضي الإقليمية الصينية في عهد يرجع إلى أسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين، وكانت تدار كجزر تابعة لتايوان. وفي نهاية القرن الـ١٩، استولت اليابان على جزر دياويوي خلال الحرب الصينية اليابانية بين عامي ١٨٩٤-1895، وأجبرت حكومة أسرة تشينغ الملكية على توقيع معاهدة شيمونوسيكي التي تنص على تنازل الصين عن " كامل جزيرة فورموزا (تايوان)، والجزر التابعة لجزيرة فورموزا"، بما في ذلك جزر دياويوي إلى اليابان. وأعلنت الحكومة الصينية رسميا الحرب ضد اليابان في ديسمبر عام ١٩٤١، حيث أعلنت إلغاء جميع المعاهدات بين الصين واليابان. وينص إعلان القاهرة الصادر في ديسمبر عام ١٩٤٣ بعبارات صريحة على أن "جميع الأراضي التي سرقتها اليابان من الصينيين، مثل منشوريا، وفورموزا(تايوان) وبيسكادورس، يجب إعادتها إلى جمهورية الصين. كما يجب طرد اليابان من جميع الأقاليم الأخرى التي أخذتها اليابان بالعنف والجشع." وتقضي المادة الثامنة لإعلان بوتسدام الصادر في يوليو عام ١٩٤٥ بضرورة "تطبيق أحكام إعلان القاهرة وحصر السيادة اليابانية في جزر هونشو، وهوكايدو، وكيوشو، وشيكوكو والجزر الصغيرة الأخرى كما نحددها". وقبلت الحكومة اليابانية إعلان بوتسدام بشكل واضح في صك الاستسلام لليابان الصادر في يوم ٢ سبتمبر عام ١٩٤٥، حيث تعهدت بالالتزام الأمين بالأحكام الواردة في إعلان بوتسدام. وفي يوم ٢٥ أكتوبر عام ١٩٤٥، أُقيمت في مدينة تايبي مراسم قبول استسلام اليابان لمقاطعة تايوان في المسرح الصيني، حيث استعادت الحكومة الصينية تايوان بشكل رسمي. وظلت الصين تؤكد على أنه وفقاً لإعلان القاهرة وإعلان بوتسدام وغيرهما من الوثائق القانونية الدولية، يجب على اليابان إعادة إلى الصين جميع الأراضي التي سرقتها من الصين، بما في ذلك جزر دياويوي بطبيعة الحال.

يوم ٨ سبتمبر عام ١٩٥١، وقعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى معاهدة السلام مع اليابان (المعروف باسم معاهدة سان فرانسيسكو) التي تم استبعاد الصين فيها، وظلت الحكومة الصينية ترفض قاطعاً هذه المعاهدة. فقبل توقيعها، أصدر وزير الخارجية الصيني تشو آن لاي بياناً رسمياً قال فيه "إذا اُستبعدت جمهورية الصين الشعبية عن إعداد وصياغة وتوقيع معاهدة سلام مع اليابان، فبغض النظر عن مضمونها ونتائجها، ستعتبر الحكومة الشعبية المركزية هذه المعاهدة غير شرعية، لذا فهي لاغية". وبعد توقيع المعاهدة، أصدر وزير الخارجية تشو آن لاي بياناً آخر في يوم ١٨ سبتمبر عام ١٩٥١ أشار فيه إلى "أن معاهدة السلام الانفرادية التي وقعتها الحكومة الأميركية اعتباطياً مع اليابان في مؤتمر سان فرانسيسكو دون مشاركة جمهورية الصين الشعبية، غير قانونية ولاغية ولا يمكن للحكومة الشعبية المركزية الاعتراف بها تحت أي ظرف من الظروف". ويبين هذان البيانان بكل وضوح بأن الصين لم تعترف على الإطلاق بأي حكم من أحكام معاهدة سان فرانسيسكو بشأن الأراضي الصينية، التي تشمل جزر دياويوي بطبيعة الحال. وينطبق موقف الصين هذا أيضا على وصاية الولايات المتحدة غير المشروعة لجزر دياويوي ونقلها إلى اليابان وفقاً لمعاهدة سان فرانسيسكو. وإن مطالب الصين السيادية على جزر دياويوي ثابتة وواضحة ولم تتغير قيد أنملة.

وفي "الحملة الإعلامية المضادة" الأخيرة، حاولت اليابان في استغلال بعض الملفات الفردية التي تبدو في صالحها. على سبيل المثال، شددت اليابان مراراً وتكراراً على أن جزر دياويوي تبينت كجزء من أوكيناوا اليابانية في الأطلس العالمي الذي نُشر في الصين في عامي ١٩٥٨ و١٩٦٠.

بما أننا تطرقنا إلى الخرائط، فنرغب في تخصيص حيز كاف من هذه المقالة للوقائع المتصلة بالخرائط.

في كل من خارطة الطريق إلى ريوكيو (ليو تشيو قوه هاي تو) في محضر المبعوث الإمبراطوري لزيارة ريوكيو ( شي ليو تشيو لو) الذي ألفه شياو تشونغيه المبعوث الإمبراطوري لأسرة مينغ الملكية في عام 1579 (السنة السابعة من حكم الإمبراطور وانلى من سلالة مينغ)، ومحضر مترجمي أسرة مينغ الإمبراطورية (هوانغ مينغ شيانغ شوي لو) الذي ألفه ماو رويتشنغ في عام ١٦٢٩ (السنة الثانية من حكم الإمبراطور تشونغجن من سلالة مينغ)، والخريطة الجغرافية الكاملة للعالم (كون يوي تشيوان تو) التي تم رسمها في عام ١٧٦٧ (السنة الـ٣٢ من حكم الإمبراطور تشيان لونغ من سلالة تشينغ)، وأطلس أسرة تشينغ الملكية الكبرى (هوانغ تشاو تشونغ واي يي تونغ يوي تو) الذي نُشر في عام ١٨٦٣ (السنة الثانية من حكم الإمبراطور تونغتشي من سلالة تشينغ)، تبينت جزر دياويوي كجزء من الأراضي الإقليمية الصينية.

أما أقدم وثيقة يابانية ذكرت جزر دياويوي، فهي الكتاب المصور حول الدول الثلاث، الذي ألفه هاياشي شيهي عام ١٧٨٥، وفيه خريطة المحافظات الثلاث والجزر الـ٣٦ لريوكيو، التي وضعت جزر دياويوي خارج الجزر الـ٣٦ لريوكيو ولونتها لون البر الرئيسي للصين، مؤشراً إلى أن جزر دياويوي هي جزء من أراضي الصين. وبالإضافة إلى ذلك، لم تضع موسوعة خرائط وأسماء المحافظات والمدن في اليابان التي نشرت عام ١٨٩٢ جزر دياويوي في الأراضي الإقليمية اليابانية.

وإن خريطة الدول المطلة على بحر الصين الشرقي التي رسمها رسام الخرائط الفرنسي بيار لابي (Pierre Lapie) وغيره في عام ١٨٠٩ لونت جزر دياويوي وجزيرة هوانغ وي يوي وجزيرة تشي وي يوي بلون تايوان. كما أن الخرائط مثل "أحدث خريطة للصين" التي نشرت في بريطانيا عام ١٨١١، و"خريطة الصين لكولتون" التي نشرت في الولايات المتحدة عام ١٨٥٩، و"خريطة سواحل شرق الصين: من هونغ كونغ إلى خليج لياودونغ" التي رسمها السلاح البحري البريطاني عام ١٨٧٧، يبين جميعها جزر دياويوي كجزء من الأراضي الإقليمية الصينية.

لا يمكن استخدام طبعة معينة من الخرائط بشكل انتقائي كدليل على إنكار موقف حكومة ما من القضايا المتعلقة بالأراضي الإقليمية، هذا يمثل منطقاً أساسياً. وإن الأطلس العالمي المطبوع في الصين الذي قال اليابان إنه يبين جزر دياويوي كجزء من أوكيناوا اليابانية، يشير بوضوح في ملاحظاته إلى أن مرجعياته جاءت من الخرائط المحفوظة لدى شن باو (صحيفة أخبار شانغهاي) قبل الحرب ضد اليابان، حيث كانت جزر دياويوي تحت الحكم الاستعماري الياباني. وبموجب القانون الدولي، لا تشكل طبعة معينة من الخرائط أساساً للمطالبة بحقوق نفسه أو إنكار حقوق الآخرين. لذلك، فإن ادعاءات اليابان بأن جزر دياويوي من الأراضي الإقليمية اليابانية بناءاً على الخرائط المذكورة أعلاه ليست مقنعة على الإطلاق. وفي الحقيقة، لم تبين الخرائط اليابانية الكثيرة التي نشرت قبل ١٩٧٠ أن جزر دياويوي من الأراضي الإقليمية اليابانية.

تحاول اليابان إثبات موقفها بمثل هذه الأدلة المجزأة والضعيفة كأنها وجدت كنزاً نادراً، إن دل ذلك على شيء، فيدل على أن اليابان قد ضاقت ذرعاً في إيجاد "المرجعية القانونية" لإثبات سيادتها على جزر دياويوي والجزر التابعة لها.

لماذا وقعت اليابان في موقع حرج؟ الجواب واضح جداً. يمكن لدولة ما أن تحلم حلماً جنونياً بشن الحروب العدوانية واستعباد الشعوب الآسيوية، ويمكن لهذه الدولة أن تتوهم تبييض جرائمها في التاريخ على أساس المفهوم الخاطئ للتاريخ حتى تصبح "دولة طبيعية"، ولكن الحقائق التاريخية لا يمكن فبركتها بأي حال من الأحوال. وإن دولة تجرؤ على تحدي الحقائق التاريخية ليست شريفة، بل وهي خطرة في الغاية، وينبغي على المجتمع الدولي توخي كل اليقظة والحذر منها.

III

زعمت اليابان أن قادة البلدين ما توصلوا إلى التفاهم وتوافق الآراء حول "تعليق النزاع على جزر دياويوي" في مفاوضات تطبيع العلاقات الثنائية عام 1972 والمفاوضات بشأن "معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان" عام 1978. هل هذا صحيح؟ لنراجع السجلات التاريخية الموثوق بها، بما فيها محاضر المحادثات.

من المعروف أنه تم إنهاء حالة الحرب بين الصين واليابان وتطبيع العلاقات بينهما بـ"البيان المشترك بين الصين واليابان" (1972) و"معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان" (1978). لذلك، تشكل هاتان الوثيقتان الأساس القانوني للبلدين لحل القضايا المتعلقة بملكية الأراضي الإقليمية بعد الحرب.

في البند الثالث لـ"البيان المشترك بين الصين واليابان" المتعلق بقضية تايوان، تعهدت اليابان بشكل واضح بـ"الالتزام بالمادة الثامنة لإعلان بوتسدام"، كما أكدت اليابان في "معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان" على أن جميع المبادئ الواردة في "البيان المشترك" يجب الالتزام بها بصورة صارمة. وإن جوهر البند الثامن لـ"إعلان بوتسدام" المذكور في "البيان المشترك" هو "ضرورة تنفيذ الأحكام الواردة في إعلان القاهرة"، وبالتحديد "يجب على اليابان إعادة جميع الأراضي الصينية التي سرقتها إلى جمهورية الصين، بما فيها منشوريا وجزيرة فورموزا (تايوان) وبيسكادورس." ها هو التعهد الرسمي الذي قطعته اليابان للصين بشكل معاهدة ثنائية. رغم أن هذا التعهد جاء في سياق البند المتعلق بقضية تايوان، غير أنه ينطبق على قضية جزر دياويوي، لأنها جزر تابعة لتايوان. والجدير بالاهتمام هو أن "إعلان القاهرة" لم يذكر جميع الأسماء للأراضي الصينية المسروقة، وذلك للتأكيد على أن اليابان يجب أن تعيد جميع الأراضي الصينية التي سرقتها بطرق مختلفة، سواء أ كانت جزيرة فورموزا (تايوان) وبيسكادورس التي تم التنازل عنها بشكل رسمي وفقا لـ"معاهدة شيمونوسكى" أم منشوريا التي سيطرت عليها اليابان عبر حكومة عميلة أم سائر الأراضي الصينية التي سرقتها اليابان عبر طرق أخرى. لذلك، حتى لو ادعت اليابان بأن جزر دياويوي ليست من ضمن الجزر التابعة لتايوان التي تم التنازل عنها وفقا لـ"معاهدة شيمونوسكى"، لكن لا يمكنها إنكار أن هذه الجزر من ضمن الأراضي الصينية التي سرقتها إبان الحرب الصينية اليابانية بين عامي 1894-1895، فلا بد من إعادتها إلى الصين.

خلال المفاوضات حول توقيع "البيان المشترك بين الصين واليابان" و"معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان"، قرر قادة البلدين آنذاك على "ترك قضية جزر دياويوي جانبا لحلها في وقت لاحق" حرصا على مجمل العلاقات الصينية اليابانية. لكن هذا لا يمكن أن يكون ذريعة لليابان لنفي تعهدها فيما بعد. وما زال مبدأ حل قضايا ملكية الأراضي بعد الحرب وفقا لـ"إعلان القاهرة" و"إعلان بوتسدام" الذي حدده البيان والمعاهدة ينطبق على قضية جزر دياويوي.

استشهد وزير الخارجية الياباني كويشيرو غيمبا في المؤتمر الصحفي الأخير محضر المحادثات بين رئيس الوزراء الياباني الأسبق كاكويه تاناكا ورئيس مجلس الدولة الصيني الأسبق تشو آن لاي حول قضية جزر دياويوي في عام 1972، قائلا إن الصين واليابان ما توصلتا إلى توافق الآراء بشأن هذه القضية. في الحقيقة، كان الحديث بينهما كما يلي:

تاناكا: أود أن أغتنم هذه الفرصة للتعرف على موقف الصين من جزر دياويوي (المسمى بجزر سينكاكو في اليابان).

تشو: لا أريد أن أتحدث عن هذا الموضوع هذه المرة، لأن الحديث عنه الآن لا فائدة له.

تاناكا: سأواجه صعوبات إذا رجعتُ من بكين بدون التطرق إلى هذا الموضوع إطلاقا.

تشو: نعم. لأن النفط قد اُكتشف تحت قاع البحر هناك، وتحاول تايوان الآن تضخيم القضية، وربما ستفعل الولايات المتحدة نفس الشيء. لقد تم إعطاء هذه القضية أكثر من حجمه.

انتهى استشهاد وزير الخارجية الياباني كويشيرو غيمبا إلى هنا. ولكن في الحقيقة، استطرد تاناكا قائلا: طيب، فلا حاجة إلى التحدث عن هذا الموضوع، لنتحدث عنه فيما بعد.

تشو: نعم، فيما بعد. لنحل القضايا الكبيرة والأساسية التي يمكن حلها هذه المرة، مثل تطبيع العلاقات الثنائية، وهذا لا يعني أن القضايا الأخرى ليست "كبيرة"، لكن التطبيع هو قضية أكثر إلحاحا الآن. ويمكننا أن نتحدث عن القضايا الأخرى في وقت لاحق.

تاناكا: أثق بأننا قادرون على حل القضايا الأخرى بعد تطبيع العلاقات.

ما هي القضية التي يجب حلها كما ذكره تاناكا وتشو آن لاي؟ كان قادة البلدين آنذاك يعرفونها بوضوح، إنها "اتفاق أوكيناوا" الذي وقعته الولايات المتحدة واليابان في يوم 17 يونيو عام 1971، والذي ينص على إعادة السلطة التنفيذية لجزر ريوكيو وغيرها من الجزر إلى اليابان، وإدراج جزر دياويوي والجزر التابعة لها بشكل غير قانوني على "الأراضي والمياه الإقليمية التي يجب إعادتها إلى اليابان". وفي يوم 30 ديسمبر عام 1971، أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانا يشدد على أن هذه الصفقات خلف الكواليس بين اليابان والولايات المتحدة بشأن جزر دياويوي والجزر الأخرى غير شرعية جملة وتفصيلا، ولا يمكنها أن تغير قيد أنملة سيادة جمهورية الصين الشعبية على جزر دياويوي وغيرها من الجزر. عليه، فإن القضية التي يجب حلها ليست قضية مبهمة، بل هي قضية ملكية جزر دياويوي. استشهد وزير الخارجية الياباني غيمبا جزءا من المحضر فقط، هل ذلك لأنه لا يستطيع مطالعة المحضر كله، أم أنه أخذه بشكل انتقائي عمدا؟

في أكتوبر عام 1978، زار نائب رئيس مجلس الدولة الصيني دنغ شياوبينغ اليابان لتبادل صكوك التصديق لمعاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان، حيث تحدث عن قضية جزر دياويوي في المؤتمر الصحفي بعد محادثاته مع رئيس الوزراء الياباني تاكيو فوكودا قائلا "اتفق الجانبان على عدم التطرق إلى هذه القضية في المفاوضات بشأن تطبيع العلاقات الثنائية، وفي المفاوضات حول "معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان"، اتفقنا أيضا على عدم التطرق إليها. نعتقد أنه من الحكمة ترك مثل هذه القضية جانبا لفترة من الزمن إذا عجزنا عن تجسير الخلافات بيننا الآن. ومن الممكن أن نعلق هذه القضية مؤقتا إذا افتقر جيلنا إلى ما يكفينا من الحكمة لحلها، فإن الجيل القادم سيكون أكثر حكمة، وأثق بأنه سيجد في نهاية المطاف حلا مقبولا لدى الطرفين لهذه القضية." ولا أحد من الجانب الياباني رفض هذا القول آنذاك.

كان السيد تشانغ شيانشان مستشار وزارة الخارجية الصينية السابق وغيره من الشخصيات الصينية واليابانية الكثيرة التي شاركت وشاهدت على المفاوضات حول تطبيع العلاقات الصينية اليابانية ومعاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان، قد سلطوا الضوء على هذه الحقائق التاريخية بأساليب مختلفة. وتدل كل هذه الحقائق على أن كلا من الصين واليابان أدرك جيدا ما إذا كان هناك توافق الآراء حول تعليق النزاع على جزر دياويوي.

إذا جرأت اليابان على تحريف وإنكار السجلات الموثوق بها قبل عقود فقط، وتغيير ما هو مكتوب بكل الجلاء والوضوح في التاريخ على هواه، أ هناك شيء لا تجرؤ اليابان على فعله؟

IV

خلطت اليابان بين الحق والباطل عندما ادعت بأن ردود الأفعال الصينية على عملية "شراء الجزر" التي قامت بها الحكومة اليابانية كانت مبالغ فيها، وتشكل "التهديد" لليابان، وتوجد فيها أعمال العنف الكثيرة.

قد أثبتت الحقائق التاريخية والقانونية الوافرة سيادة الصين على جزر دياويوي. وبعد المهزلة اليابانية لـ"شراء الجزر"، أصدرت الصين بيان وزارة الخارجية وبيان حكومة جمهورية الصين الشعبية حول الخطوط والنقاط الأساسية للمياه البحرية الإقليمية المحيطة بجزر دياويوي والجزر التابعة لها، كما تم إصدار البيانات والتصريحات على لسان لجنة الشؤون الخارجية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ولجنة الشؤون الخارجية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والمتحدث باسم وزارة الدفاع والفئات الاجتماعية المختلفة، وأدان الشعب الصيني كله الخطوة السيئة للحكومة اليابانية بصوت واحد. كما قدمت الصين إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون نسخة من قوائم الإحداثيات والخرائط البحرية للخطوط والنقاط الأساسية للمياه الإقليمية قبالة جزر دياويوي والجزر التابعة لها، وإلى لجنة حدود الجرف القاري خريطة رسم الحدود الخارجية للجرف القاري وراء 200 ميل بحري لبعض المياه في بحر الصين الشرقي. بالإضافة إلى ذلك، تواصل سفن المراقبة البحرية الصينية وسفن إدارة المصايد الصينية دورياتها لإنفاذ القانون وحماية أنشطة الصيد في المياه قبالة جزر دياويوي. وجاءت ردود الأفعال الصينية في إطار الإجراءات اللازمة لصيانة السيادة الوطنية، وتجسيدا للإرادة الثابتة والعزيمة القوية للأمة الصينية من أجل صيانة سيادة الصين على أراضيها الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية.

زعمت اليابان أن ردود الأفعال الصينية كانت فوق توقعاتها. لذا فنتسائل: أ كانت اليابان تتوهم أن الصين ستصبر على المظالم وتقبلها على مضض في القضايا التي تتعلق بالمصالح الحيوية مثل السيادة الوطنية؟ فإن ردود الأفعال الصينية مبررة وفعالة وتتسم بضبط النفس، وهي تتمتع بالسمو الأخلاقي والقانوني دوليا وكسبت التفهم والدعم من قبل المجتمع الدولي، وستبقى صامدة أمام اختبارات التاريخ.

تلتزم الصين التزاما صارما باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، وتحمي مصالح المؤسسات الأجنبية في الصين وفقا للقانون. فإن سلامة عاملي الشركات اليابانية في الصين مضمونة، وما حدث ليس إلا حالات فردية، وقد أجرت الجهات الصينية المختصة التحقيقات الجدية في القضايا المعنية وتعاملت معها وفقا للقانون.

إن اليابان هي التي انتهكت انتهاكا خطيرا سيادة الصين وأراضيها الإقليمية، لكنها وصفت نفسها بالضحية، متهمة الصين بتهديدها. فأين العدالة؟ إن الصين لم تهدد أي بلد في الماضي، ولن تهدد الآخرين في المستقبل. ولكن الصين لن تقف متفرجة ومكتوفة الأيدي إذا تسول أي بلد له نفسه المساس بسيادتها وتجاوز الخط الأحمر. إذا كانت اليابان تخشى حقا من "التهديد"، فيجب عليها أن تتوقف عند حافة الهاوية، وتفكر بجدية في تصحيح أخطائها قبل فوات الأوان.

V

إن إعلان الحكومة اليابانية عن "شراء" جزر دياويوي الصينية وجزيرة نانشياوداو وجزيرة بيشياوداو التابعتين لها، تنفيذا لما يسمى بقرار "التأميم"، أمر يشكل انتهاكا جسيما لسيادة الصين على أراضيها الإقليمية. أكدت الإجراءات المضادة القوية التي اتخذتها الصين موقفها من سيادتها على جزر دياويوي الذي يقوم على الأدلة القانونية، وكشفت بصورة فعالة طبيعة مهزلة "شراء الجزر" اليابانية، وهي بمثابة خيانة للتوافق والتفاهم بين الصين واليابان، وإنكار صريح لنتائج انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، وتحد للنظام الدولي الذي خرجت به الحرب العالمية الثانية.

تحث الصين اليابان بقوة على التعامل مع الوضع الخطير الحالي للعلاقات الصينية اليابانية بشكل صحيح، والاعتراف بوجود النزاع حول سيادة جزر دياويوي، وتصحيح تصرفاتها الخاطئة التي تمس بالسيادة الصينية، والعودة إلى مسار المفاوضات لتسوية النزاع. لا يجوز لأحد أن يراوده الوهم أو الشك في الإرادة الثابتة والعزيمة القوية لدى الحكومة الصينية على الدفاع عن السيادة الوطنية والأراضي الإقليمية.

إن جزر دياويوي هي الأراضي الإقليمية الصينية. والحق والعدالة مع الصين.

Suggest to a Friend:   
Print